recent
أخبار ساخنة

سياسة المجال الحيوي عند هتلر: الفكر التوسعي وأبعاده الإيديولوجية

من مفهوم الجغرافيا الحياتية إلى مشروع الهيمنة النازية على أوروبا

سياسة «المجال الحيوي» أو “Lebensraum” تعني حرفياً «المساحة الحياتية». لدى النظام النازي أصبحت مزيجاً من الأيديولوجيا العرقية والتوسّع الجغرافي: هي الفكرة القائلة بأن الشعب الألماني ـ بحسب الاعتقاد النازي ـ يحتاج إلى أرض إضافية، خصوصًا في الشرق الأوروبي، لضمان النمو والبقاء والهيمنة. 

هذا المفهوم كان واحداً من الدعائم الأساسية لسياسة خارجية عدوانية أدّت إلى الحرب العالمية الثانية وجرائم واسعة ضدّ الشعوب المحتلّة.

نشأة المفهوم وتطوّره

1. الجذور الجغرافية والفكرية

المصطلح «Lebensraum» أُسرِعَ استخدامه في الجغرافيا البشرية الألمانية حول مطلع القرن العشرين، خصوصًا على يد Friedrich Ratzel، الذي رأى أن الشعوب تتوسّع جغرافياً كما الكائنات الحيّة كي تحافظ على وجودها وتطوّرها. 

لاحقًا، الفكر الجيوسياسي الألماني (مثل Karl Haushofer) ربط هذا المفهومّ بالقوة السياسية والعسكرية، وهذه الأفكار خدمت لاحقًا الأيديولوجيا النازية. 

2. التطوّر إلى أيديولوجيا نازية

بعد صعود الحركة النازية، أصبح مفهوم المجال الحيوي مرتبطًا بوجهة نظر عرقية تقول بأن الألمان «آريون» لهم الحق في الأرض، بينما الشعوب السلافية أو اليهودية تُعتبر دون ذلك. 

في كتابه Mein Kampf (1925) وكذلك في ما بعد، وضّح هتلر أن هذه المساحة يجب أن تُؤخذ من الشرق؛ من بولندا، أو روسيا، أو الاتحاد السوفيتي السابق. 

الأهداف والمحتوى

الهدف الأساسي: تأمين أرض زراعية وموارد طبيعية تكفي الشعب الألماني (وجيشه) وتحلّ مشكلة الاكتظاظ والنقص في الموارد. 

الهدف العرقي: تصفية أو إخضاع الشعوب التي تُعتبر «دون» وإحلال مستوطنين ألمان مكانها، خصوصًا في شرق أوروبا. 

الأبعاد العملية: ضمّ أراضٍ، تطهير عرقي، استخدام العمل القسري، وإعادة توطين الألمان. 

التطبيق – من النظرية إلى الواقع

بدأت مرحلة التنفيذ فعليًا مع غزو بولندا في سبتمبر 1939، حيث أعلنت ألمانيا أنها تستهدف «نظامًا جديدًا للعلاقات الإثنية» بعد سقوط بولندا. 

الحرب ضد الاتحاد السوفيتي (عملية Operation Barbarossa، يونيو 1941) كانت محورها الفكر حول المجال الحيوي — الأراضي الزراعية الواسعة، الموارد، وأيضًا تدمير العدو العرقي (السلاف واليهود). 

سياسات مثل Generalplan Ost وضعت مخططات للترحيل أو القتل الجماعي للسكان الشرقيين وعمليات التعريب/الإحلال الألماني. 

العواقب والانتقادات

أدّت هذه السياسة إلى مآسي إنسانية ضخمة: المجاعة، التهجير، أعمال القتل الجماعية. 

كما أن سعي ألمانيا للتوسع بهذه الطريقة كان عاملًا في هزيمتها: التمدد الكبير، مقاومة الشعوب المحتلّة، الجبهات المتعددة. 

اليوم يُنظر إلى Lebensraum كدرس في كيف يمكن للفكر الجيوسياسي المشبّع بالعرق أن يتحول إلى سياسة تدمي

الخلاصة

سياسة المجال الحيوي لدى هتلر كانت أكثر من مجرد رغبة في «أرض أكبر». كانت مشروعًا أيديولوجيًا يرتكز على العرق والجغرافيا والسياسة الخارجية العدوانية. التطبيق العملي لهذه السياسة أدّى إلى توسّع عسكري، احتلال واسع، وإبادة جماعية. إنها حالة متطرفة لما يمكن أن تؤول إليه سياسة التوسع حين تُدمج بالأيديولوجيا العرقية.

المراجع المعتمدة


1. “Lebensraum | Holocaust Encyclopedia”. United States Holocaust Memorial Museum. 

2. “Lebensraum | Meaning, Policy, Ratzel, & Significance”. Encyclopaedia Britannica. 

3. “Lebensraum”. Wikipedia (للمراجعة السريعة والخلفية). 

4. “Lebensraum – Definition, History & Origins”. Study.com. 

5. “In search of Lebensraum – Engelsberg Ideas”. 

6. “A War for Race and Space | Facing History & Ourselves”. 

google-playkhamsatmostaqltradent